نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 399
بلوغ كماله الإنسانى، فالظاهر من الآيات: أن الإنسان لا يغلب هذه القوة ولا يخضعها مهما ارتقى وكمل، وقصارى ما يصل إليه الكاملون: هو الحذر من دسائس الوسوسة، والسلامة من سوء عاقبتها بألا يكون لها سلطان على نفس الكامل تجعله مسخرا لها وتستعمله بالشرور، كما قال تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [الحجر:
42]، وقال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف: 201].
قال صاحب التفسير [أى المنار]: ثم زاد الأستاذ هنا قوله: «أما سلطان تلك القوة فى الفناء، وقطع حركة الوجود إلى الصعود، فلا يستطيع إخضاعه لقدرته من البشر كامل، ولا يقاوم نفوذه عامل، وإنما ذلك لله وحده، وهذا حكمها فى الكائنات إلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسماوات» اه.
والمراد بهذا الكلام- كما ترى-: بيان قوة الشر ونزعاته، ووضوح أثرها فى الوجود، وسهولة انجذاب النفوس إليها، وسرعة التصاقها بها، وليس المراد استحالة التخلص منها، فإن عصمه الله تبارك وتعالى وحفظه ويسره لمغالبة الشرور، وأعانه على مقاومة النزعات الفاسدة والوساوس المضلة، كان منها بمنجاة ولا شك كما تشير إليه الآية الكريمة.
ووجه العبرة فيما تقدم: أن ينتبه الإنسان لقوة هذه الناحية فى نفسه وفى ناموس الخليقة، وأن يراقب نفسه مراقبة دقيقة، وأن يخضد [1] فيها دائما شوكة الكبرياء الكاذب، والتأبى على الحق، وأن يلح على الله فى الدعاء: أن يجعله من أهل الهداية والتوفيق؛ الذين لا يجد الشيطان إلى نفوسهم سبيلا.
[أخذ العظة من تاريخ من سلف]
(وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) خلت: مضت وذهبت. والمثلات: جمع مثلة. قال الراغب: والمثلة نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره، وذلك كالنكال، وجمعه
مثلات ومثلات ... وقد أمثل السلطان فلانا إذا نكل به.
وقال ابن جرير: «يقول تعالى ذكره: ويستعجلونك- يا محمد- مشركو قومك [1] يخضد: أى يكسر ويقطع. أنظر: أساس البلاغة ص 165، 166، ومختار الصحاح ص 178، والقاموس المحيط ص 357.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 399